خاص / القى دولة رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري كلمة في حفل افتتاح المؤتمر العام الثالث لحزب التيار الوطني الذي انعقد في قاعة عمان الكبرى للاحتفالات يوم السبت الخامس من شهر ايار تحت شعار (مستمرون) وتاليا نص كلمةالمصري:
شرف لي ان اكون بينكم متحدثا ومشاركا في مؤتمركم العتيد وانا هنا انسجاما مع قناعتي ويقيني بأن الاحزاب هي عماد بناء الدولة المدنية الحديثة وان تجذير الديمقراطية فكرا وممارسة وسلوكا لن يتم في وطننا دون ان يكون للاحزاب دورها الريادي ومساهمتها المباشرة في صناعة السياسات العامة واقرارها.
ولعل فارق وجود الحالة الحزبية السياسية في الدولة التونسية خير دليل على الفرق في الخسائر اذا ما قورنت حالها بما حل ويحل بليبيا على سبيل المثال لا الحصر .
واستدرك هنا سريعا بالقول ان من بؤس الاحوال اننا في بلدنا المنكوبة بنا وباشياء اخرى كثيرة اصبحنا نبحث ونأمل بخيارات ومستقبل الخسائر الاقل وليس مستقبل التطور والحياة الافضل والاصلاح والرفاه لمجتمعاتنا …؟
واضاف كنت ولم ازل ادعو مرارا وتكرارا بضرورة التركيز على بناء الدولة اكثر من التركيز على بناء السلطة لان بناء الدولة هو للابقى وهو الاوسع في مفهومة وفي حركة التاريخ واقصد بالسلطة هنا الحكومات فقد انجرفنا للاسف منذ سنوات مضت في التركيز على بناء السلطة في المملكة على حساب بناء الدولة التي ضعفت اكثر مما يجب واكثر مما تحتمله قوة الدولة نفسها.
الدولة الرسمية الاردنية تعمل منذ سنوات على بناء السلطة اكثر مما تعمل على بناء الدولة وفي هذا خطر كبير من ان تتجه الدولة الاردنية بسرعة نحو القرار الفردي .
ابدأ بهذا الكلام للوصول معكم الى حقيقة بالنسبة لي مسلمه لا جدال فيها وهي ان بناء الدولة يبدأ ببناء الاحزاب وتقويتها لانها عماد الحياة السياسية والمجتمعية وبغير ذلك فان ثمة تشوهات سيئة النتائج تفرض نفسها على مخرجات العمل السياسي الاردني وهو ما وقعنا في شركه للاسف الشديد خلال السنوات الماضية .
السيدات والسادة الكرام:
بمراجعة متواضعة وسريعه بمنتجنا الديمقراطي منذ سنة 1989 وحتى اليوم فان المعطيات تبدو متواضعة للغاية واذا ما حصرنا دائرة المراجعة في التجربة الحزبية فسنجد اننا لا زلنا في المربع الاول بالرغم من العدد الكبير للاحزاب المرخصة الا ان دورها لا يزال محدودا للغاية وليس لديها اي تأثير فاعل في الشارع او في بناء السياسات العامة مما يعني ان خللا ما ضرب مبكرا تجربتنا الحزبية الاردنية بالرغم من اانا نقف في مصاف الدول العربية التي شهدت مبكرا شكلا من اشكال العمل الحزبي حتى قبل نشوء الامارة الاردنية سنة 1921 .
وللننظر الان في خارطتنا الحزبية اين كانت واين انتهت؟ وما الذي حققناه وما الذي خسرناه؟
ولا اعرف سببا منطقيا لتخوف جهات رسمية عديدة من قيام الاحزاب ومن مفهوم الحزبية السياسية نحن في القرن الواحد والعشرين ونملا الدنيا ضجيجا حول اصلاحاتنا ومع انعقاد هيئات ولجان ملكية عديدة من الميثاق الوطني الى لجنة الحوار الوطني تدعو كلها الى دولة نوعية في الحياة الحزبية ولكن نجد ويجد العالم معنا انها سراب يبتعد ولا يقترب وعلينا جميعا ان نعرف ان الدولة الحديثة ان لا تقوم وتكون الا من خلال حياة حزبية راقية .
ان حزبكم يعرف تمام ما اعني فقد عانى من وضع العصي في دولابه وبدون سبب معروف وتم انشاء عديد من الاحزاب الصغيرة الهامشية لاضعاف وتيرة كل جهد هادف لانشاء احزاب قوية واتسائل ما دام الشعب عن بكرة ابيه يؤمن ويخلص ويحمي النظام الهاشمي فعلى ما هذا التوجس والخوف من اناس يقرون علنا ان ولائهم وانتمائهم .
على السلطة الحكومية رفع يدها عن الاحزاب هي والدولة معا وان تفتح المساحات كاملة امامها للعمل والانتاج والمساهمة في بناء الدولة والمجتمع فالاحزاب في مهمتها الاولى تعمل على تحصين المجتمع في الضعف وتنقذ الشباب من الانزلاق في افات المجتمع كالمخدرات والانحراف والتطرف وتعمل على تحصين المجتمع من ظهور وهيمنة الهويات الضيقة والولاءات القاتلة ..
هذه هي المهمات التأسيسية للاحزاب في كل مجتمع وهذا ما يتوجب على الدولة والسلطة ادراكه والعمل على تعزيزه من خلال تهيئة البيئة التعليمية من مناهج وتدريب على السلوك الديمقراطي والتفكير الناقد وتعزيز ثقافة السؤال والحوار وادب الخلاف والاختلاف وقبول الرأي والرأي الاخر .
هنا لا بد من العمل المتوازي بين المنهجية العليمية وبين الاحزاب ولا ارى اي مبرر منطقي في منع الحزبية في الجامعات التي تشكل البؤرة التأسيسية لعقول الشباب وتوجهاتهم وسلوكياتهم وهي بيئة بقدر ما فيها من الايجابية الا انها ايضا بيئة تنعكس فيها وعليها مشكلات المجتمع وانحرافاته.
السيدات والسادة الكرام:
وحتى لا نبقى نبكي على الاطلال وحتى تكون افكارنا متوازنة وحتى لا نبقى نلوم الحكومة فانه واجب علينا جميعا ان نعمل على تحديد ما هو مطلوب منا لمجتمع مدني وكأحزاب وحتى كأفراد بدأنا في تحديد نقاط الضعف والعوائق في هذا الامر .
انطلاقا من ذلك اسمحوا لي بطرح فكرة قد تلقى القبول لديكم وهي ان تتكاتف الاحزاب الاردنية جميعها لعقد مؤتمر وطني حزبي عام تشارك فيه كل الاحزاب الاردنية على اختلاف اطيافها السياسية ومنطلقاتها الفكرية والايديولوجية لوضع برنامج عمل حزبي وطني عام تحدد فيه من خلال المشكلات الحزبية والمطالب والاهداف والغايات والمنطلقات على اسس توافقية عامة وليتحول هذا البرنامج لمشروع عمل حزبي مشترك واعتقد ان حجم الخلاف بين الاحزاب اقل بكثير من حجم التوافق مما سيساعد على انجاح تلك الفكرة والدفع بها الى الامام .
الحضور الكرام
لا بد من المرور سريعا على تطورات القضية الفلسطينية لانها تمسنا في الاردن بشكل مباشر وها هي اسرائيل تتخذ الاجراءات التنفيذية لاعلان يهودية الدولة وقوميتها كما انها تعد الة الحرب الاسرائيلية الامريكية لضرب ايران في سوريا وليس في ايران نفسها وهذا ان تم فانه سوف يعيد خلط الاوراق بشدة في المنطقة وسوف تنتهز اسرائيل هذه الخطوة لخلق ظروف للتعامل مع السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وربما ايضا في فلسطين ال 48 تحضيرا لتهجيرهم وهذا امر خطير للغاية ويمس الامن الوطني الاردني ودور الاحزاب في التعامل مع هذه الاحداث المصيرية سيكون محدودا لعدم وجود ثقل داخلي لها وسوف تمر كل الاحداث مع بعض الضجيج والاستنكار من الفئات الرسمية والشعبية وانا هنا ومن هذا المنبر ادعو حزبكم العتيد حزب التيار الوطني لتبني هذه الفكرة في حال لاقيت قبولا لديكم والعمل على تنفيذها واعتقد انكم تتمتعون بالجدارة والخبرة للقيام بهذا الدور الريادي وانجازه..
شكرا لكم والى الامام