أكد رئيس حزب التيار الوطني المهندس عبد الهادي المجالي أن يوم الارض مناسبةٌ لنرسلَ إلى العالمِ أجمعَ رسالةً واضحةً لا لُبسَ فيها انَّ حقَّ الفلسطينيين في أرضهِم لن يضيع.. وان قضيتَنا الأولى والأسمى ستبقى جُذوةً مستعرة
وأضاف في مهرجان يوم الارض الذي نظمه تجمع معاك مساء اليوم في مجمع النقابات المهنية السلامَ العادل والشامل لن يكونَ طالما العدوٌّ يرفضُ الانصياعَ للغةِ الحقِّ ومنطقِ السلام.. وطالما هناكَ منْ عواصمِ القرارِ الغربيِّ من يمالىءُ هذا العدوَّ ويماشيهِ في التسويفِ والمماطلةِ والتأجيلِ والإصرارِ على تغييرِ الوقائعِ على الأرضِ.
وتاليا نص الكلمة التي القاها المجالي
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاةُ والسلامُ على خيرِ الخلقِ وسيدِ المرسلينَ النبيِّ الأميِّ الأمين، المرسلِ رحمةً للعالمين، الذي أَسرى بهِ اللهُ من المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى الذي باركَهُ الله تعالى وما حولَه في بيتِ المقدسِ وأكنافِهِ من الأرضِ الطهور.. أرضِنا.. أرضِ فلسطينَ وجندِ الأردنِ العتيد…
لهذهِ الأرض.. أرضِ فلسطينَ التاريخِ والعروبة.. التي اختلطت في فضاءاتِها تكبيراتُ الأذانِ بقرعِ أجراسِ الكنائس.. أرضِ الناصريِّ وأمِّهِ عليهِما السلام.. ومن فضاءاتِها عرجَ الرسولُ الأعظمُ عليهِ صلواتُ اللهِ وسلامُه في أعظمِ رحلةٍ تكريما له ولهذِهِ الأرض..
الأرضُ المخضبةُ بالدماءِ الزكيةِ منذُ طريقِ الآلامِ وعذاباتِ الحواريينَ واستشهادِ صفواتِ الصحابةِ عليهِم رضوانُ اللهِ وسلامُهُ وجنودِ الفتوحاتِ الأولى والتحريرِ المتكررِ إلى دير ياسين وكُفر قاسم وقِبية ومعاركِ بابِ الواد واللطرونِ وجنينَ والسموع.. والانتفاضةِ الأولى.. والثانية.. التي لن تكونَ الأخيرة، ولا يجبُ أن تكونَ.. حتى تُسمِعَ من بهِ صممٌ وتُري من بهِ عمى.
هذهِ الأرضُ حبلى دوما.. ولن تكونَ عاقرا أبدا.. مهما حاكَ الأعداءُ من دسائسَ ومؤامراتٍ ونسجوا من مخططات.. لأن فيها رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليهِ.. وما بدلوا تبديلا.. وأمهاتٍ لا يلدْنَ إلا أمثالَ هؤلاءِ الرجالِ ولا يرضَينَ لأبنائهِنَّ إلا أن يكونوا أوفياءَ لهذهِ الأرض.
هي دربُ الشهادةِ والعزة.. ولا شيءَ غيرَ ذلك.
الإخوة المنظمين المحترمين…
الحضورَ الأكارم….
السلامُ عليكُم.. والسلامُ إليكُم.. والسلامُ لن يكونَ ما دامتْ هذه الأرضُ سليبةً ومحتلة.. وما دامتِ الدولةُ الفلسطينيةُ المستقلةُ استقلالا تاما وناجزا، الموحدةَ غيرَ المفسخةِ غيرَ قائمة.
هذا هوَ يومُ الأرض.. لكنَّهُ ليسَ موجها لنا. فعندَنا وفي عُرفِنا وناموسِنا وحياتِنا اليومية: كلُّ الأيامِ يومُ هذهِ الأرضِ الطهور.. وهذا ما يجبُ أن تكونَ عليه الأمور.. نضالٌ مستمرٌّ حتى يتحققَ لنا ولأَشقائِنا الفلسطينيين حُلمَهُم بدولتِهِم المنشودة.. الذي هو مطلبهُم ومطلبُ كلِّ الأردنيينَ والعربِ الشرفاءِ والمسلمينَ في مختلفِ أصقاعِ الأرض.
أما هذا اليوم، فهو مناسبةٌ لنرسلَ إلى العالمِ أجمعَ رسالةً واضحةً لا لُبسَ فيها انَّ حقَّ الفلسطينيين في أرضهِم لن يضيع.. وان قضيتَنا الأولى والأسمى ستبقى جُذوةً مستعرة.. وأنَ السلامَ العادل والشامل لن يكونَ طالما العدوٌّ يرفضُ الانصياعَ للغةِ الحقِّ ومنطقِ السلام.. وطالما هناكَ منْ عواصمِ القرارِ الغربيِّ من يمالىءُ هذا العدوَّ ويماشيهِ في التسويفِ والمماطلةِ والتأجيلِ والإصرارِ على تغييرِ الوقائعِ على الأرضِ بتهويدِ الأرضِ وبناءِ المستعمراتِ المرفوضةِ بمختلفِ أشكالِها وتسمِياتِها.
واليوم.. وفي ظلال يوم الأرض، يُصعِّد كيانُ الاحتلالِ لغتَهُ ومنطِقَهُ الأعوج، بجعلِ يهوديةِ الدولةِ حقيقةً قائمة، كيف لا، وقد أتَتِ الانتخاباتُ الأخيرةُ لكنيستِ الاحتلالِ بالمتطرفينَ والمستوطنينَ وبكلِّ اليمينِ الهمجيِّ ليحكُم، وعلى قواعدِ “لا دولةٍ فلسطينية”، ولا دولةٍ واحدة، بل يريدُها، وبقانونِ، “دولةٍ يهودية” خالصة، العربُ فيها بالمرتبةِ الدنيا، ولا يُستبعَدُ، ولا يجبُ أن يُستبعد، أن تخلقَ كلَّ الذرائعِ والمبرراتِ لتهجيرِ إخوتِنا داخلَ الخطِّ الأخضر، وتهويدِ القدسِ والمقدساتِ نهائيا..
وحكومةٌ إسرائيليةٌ ستكونُ تركيبتُها من اليمينِ واليمينِ المتطرفِ لا شكَّ انها حكومةٌ لن تقيمَ، وهذهِ عادتُهُم، للحقوقِ والشرائعِ الدنيويةِ والسماويةِ والاتفاقياتِ والالتزاماتِ قيمةً أو وزنا، بل حكومةٌ، وأظنُّها كذلك، ستكونُ لغتُها لغةَ حروبٍ وعُدوان، إن لم يكنْ على الضفةِ الغربيةِ وقطاعِ غزة معا، فالأرجحُ انها ستخوضُها في غزة.. فضلا عن حربها وسلوكها الطارد لأهلنا في داخل الخط الأخضر.
وكنت اتمنى أن تكونَ القضيةُ الفلسطينيةُ أولويةَ القمةِ العربيةِ في شرمِ الشيخ، فالخطرُ الإسرائيليُّ على الحقوقِ الفلسطينيةِ والعربيةِ عموما من الأخطارِ الحقيقية، لكن معَ الأسف، فعلى رغمِ الكلامِ الكثيرِ الذي قيلَ وكُتِبَ في القمةِ عن القضيةِ المفترضِ انها قضيةُ العربِ الأولى والمركزية، إلا أنه لا يؤشرُ على انها في صدارةِ الأولويات، وهذا أمرٌ يريحُ الاحتلال، بل وقد يعطيهِ فرصتَهُ للقيام بمزيدٍ من التهويدِ ولمزيدٍ من الوقتِ لخلقِ وقائعَ جديدةٍ على الأرض.
ووسط البؤس الذي أتت به الانتخاباتُ الإسرائيليةُ الأخيرة، فإنَّ أكثرَ ما يريح هو ذلكَ الاجماعُ والتوافقُ الفلسطينيُّ ووحدةُ الموقفِ بخوضِ تلك الانتخاباتِ بقائمةٍ واحدةٍ لا قوائمَ شتى، فهيَ تؤشرُ على أنَّ الإخوةَ الذين يعيشونَ تحتَ الاحتلالِ في مناطقِ الـ 48 يدركونَ المخاطرَ التي تستهدفُ وجودَهُم، وبدأ هذا الاستهدافُ برفعُ نسبةَ الحسمِ في قانونِ الانتخاباتِ ضمنَ خطةٍ لإفشالِ كلِّ القوائمِ الانتخابيةِ العربية.. لكنَّ ذلكَ لم يحدث.
أن يتوحدَ الإخوةُ داخلَ الخطِّ الأخضرِ على قائمةٍ انتخابية، يُفترضُ أن ينتهيِ بهِم إلى التوحدِ على رؤيةٍ سياسيةٍ واحدةٍ أيضا، بلا تنازعٍ أو شقاق، ويُفترضُ أن يدفعَ الإخوةُ في الضفةِ الغربيةِ وقطاعِ غزةَ أن ينبذوا خلافاتِهِم واختلافاتِهِم وأن يلتفتوا إلى واقعِ قضيتِهِم، وقضيتِنا جميعا..
على الإخوةِ أن يتوحدوا داخلَ وخارجَ الخطِّ الأخضر، وأن يتوحدَ العربُ جميعاً على أن القضيةَ الفلسطينيةَ هي القضيةَ الأمُّ والأساس، ولا قضيةَ تعلو عليها، وألا يفرطوا بالحقوق، وألا يمنحوا الصهيونيةَ أي فرصةٍ لتقزيمِ القضيةِ العربيةِ الأولى، مستغلينَ الانشغالَ العربي، بالحقيقيِّ والمفتعلِ من الأحداثِ لتلوذَ قضيةُ فلسطين، قضيةُ العرب، وتقبعَ في الزاويةِ بلا اهتمام، قولا أو فعلا.
الأخواتُ والأخوةُ الأعزاء..
نقاطٌ أساسيةٌ وَجَبَ أن نُؤَكِّدَها ونعيدَ التذكيرَ بها.. كي لا ننسى .. ولكيْ تكونَ رسالةً واضحةً للعالمٍ أجمع:
– هذا الشعبُ العظيم، الذي لم يتخلَّ يوما عن النضالِ لنيلِ حقوقِه، لن تلينَ عريكَتُهُ لحظةً واحدةً ولو طالَ بهِ الزمان.. حتى تتحققَ لهُ هذهِ الحقوق.
– أرضُ فلسطينَ وقضيتُها هي أرضُ كلِّ العربِ والمسلمينَ والشرفاءِ في هذا العالمِ وقضيتُهم تماماً كما هيَ للفلسطينيين.
– مسؤوليةُ الدفاعِ عن أرضِ فلسطينُ واجبٌ قوميٌ ودينيٌ على العربِ والمسلمينَ جميعا، حكاما وشعوبا، وأيُّ حديثٍ أو مسوغاتٍ لغيرِ هذهِ الحقيقةِ أمرٌ مرفوضٌ بالإطلاق.
– الأردنيونَ شركاءُ الفلسطينيينَ في الهمِّ والوجعِ والألمِ والمعاناةِ وإخوانُهم في النضال.. ولن يتخلَّوا عن واجباتهِم حيالَهُم وحيالَ أرضِهِم أبدا.. ولن يقبلوا بأيِّ مساومةٍ او حلٍّ لا يحفظُ حقوقَ الفلسطينيين، أو يصفّي قضيتَهُم على حسابِ الأرضِ الأردنيةِ أو أيِّ أرضٍ أخرى.
– الدولةُ الفلسطينيةُ المستقلةُ وعاصِمَتُها القدسُ الشريف، ولا أقلَّ من ذلك، مطلبٌ ومصلحةٌ قوميةٌ أردنية.. والأردنيون بوعيِهِم لن يسمحوا بغيرِ ذلك، وسيبذلونَ الغاليَ والنفيسَ ولن يتخلَّوا أبدا عن إخوتهِم الفلسطينيين مهما عّظُمَتِ التحدياتُ والإغراءات.. نبراسُهُم في ذلكَ دماءُ شهدائهِم على ثرى القدسِ الشريفِ وأسوارِها وسائرِ أرضِ فلسطين.
– الأردنيون لن يسمحوا لأيِّ مؤامرةِ أو محاولةٍ لتدنيسِ علاقتهِم التاريخيةِ بإخوتِهِم الفلسطينيين، أو أيِّ محاولةٍ لبثِّ الفرقةِ والتناحرِ معهُم.. وهذهِ حقيقةٌ يعيها إخوتُنا الفلسطينيون جيدا ويصطفُّونَ مع إخوتهِم شرقيَّ النهرِ في رفضِها وإغلاقِ كلِّ جحورِ الشرِّ والسوءِ التي تسعى للنيلِ من هذهِ العلاقةِ المقدسة.
– الحفاظُ على ديمومةِ الهويةِ النضاليةِ للشعبِ الفلسطينيِّ في الداخلِ والخارجِ وصونِها هي مَهَمَّةٌ مقدسةٌ وواجبٌ وطنيٌّ وقوميٌّ، مهما طالَ أمدُ الصراعِ مع العدوِّ الصهيونيِّ، لإغلاق جميع الطرق عليه للإدعاءِ بأن هذا الشعبَ غيرُ موجودٍ، ولتبقى هذه الهويةُ صامدةً في مواجهةِ “يهودية الدولةِ” وتهويدِ الأرض.
– حقُّ اللاجئينَ في العودةِ والتعويضِ حقٌّ مقدسٌ غيرُ قابلٍ للتفويضِ ولا التفريط.
– للأردنِّ، الحقُّ الأكيدُ في أن يكونّ طرفاً أساسياً في أيِّ مفاوضاتٍ تناقشُ الوضعَ النهائيَّ للحلِّ السلمي، أكانَ ما يتعلقُ بحقِّ اللاجئينَ الفلسطينيينَ في العودةِ والتعويضِ وترسيمِ الحدودِ أو ما يحفظُ المقدساتِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ في بيتِ المقدسِ وسائرِ الأرضِ الفلسطينية، أو الحقوقِ المائية.
– ومشاركةُ الأردنِّ الكاملةِ والحقيقيةِ في أي مفاوضاتٍ هيَ دعمٌ وإسنادٌ للمفاوضِ الفلسطينيِّ وضمانٌ بألا يستفرِدَ الآخرونَ بهِ ويُخضِعوهُ للضغطِ والإكراهِ لإجبارِهِ على تقديمِ التنازلات.
بهذا، وبهذا كلِّهِ نحفظُ أرضَ فلسطينَ العزيزةِ ونجعلُ قضيتَها قائمةً وحيَّةً في أذهانِ العالمِ وضميرِه، ونضمنَ أنَّ هذهِ الأرضَ لن تتكلمَ إلا بلُغَةِ الضادِ الشريفة.
ومناسبةُ يومِ الأرض، لابدَّ وأن تكونَ سبباً ودافعاً لنُقيِّمَ الواقعين، الإقليميَّ والدولي، ونقرأَ ظروفَهُما وحيثياتِهِما، ونفهمَ المآلاتِ ونقدِّرَ الاحتمالات، ونُقيِّمَ إمكاناتِنا وقدراتِنا وأدوارِنا التي لعبناها لسنواتٍ طويلةٍ دونَ جدوى..
لابدَّ أن نفهمَ، لأنَّ المنطقةَ تمورُ بالأحداثِ الصعبة، والتعقيداتِ الكثيرةِ والكبيرة، ففهمُها يعني فهمُ آثارِها على مستقبلِ القضيةِ الفلسطينية، ومستقبلِ الأمتينِ العربيةِ والإسلامية.. نريدُ أن نفهمَ كي لا نجدَ أنفسَنا أمامَ وقائعَ وحقائقَ جديدةٍ على الأرضِ تُفرضُ علينا من غيرِ حولٍ لنا ولا قوة..
تحيةٌ للارضِ والصامدينَ عليها.. تحية ُإكبارٍ وإعتزازٍ بهم، ولهُم منا واجبٌ أن نُحْييَ في كلِّ وقتٍ قضيتَهُم، ونُذَكِّـرَ بأرضِهِم، أرضِنا المسلوبة، ونُذَكِّرَ العالم، دولا ومنظماتٍ أممية، بعجزِها وفشلِها في أن تُعيدَ حقاً لأصحابِهِ سُلِبَ منهُم منذُ عشراتِ السنين.. ونُذَكِّرَ الشعوبَ في كلِّ حينٍ كي لا تُنسى الحقوق..
أشكرُ لكُم استماعَكُم.. والاحترامُ والتقديرُ لكُم جميعا..
وسلامُ اللهِ عليكُم ورحمتهُ ورضوانُه..
عبدالهادي المجالي